--------------------------------------------------------------
نسبه و مولده
'أبو الطيب المتنبي (303 - 354 هـ / 915 - 965م
اسمه أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكوفي الكندي. ولد بالكوفة ونشأ بالشام. و في نسبه خلاف، إذ قيل هو نفل، و قيل هو ابن سقاء كان يسقي الماء بالكوفة، و قيل أصوله من كندة، و هم ملوك يمنيون، و دس خصومه في نسبه، و قوى الآراء المتناقضة في نسبه أنه لم يشر إلى أبيه في شعره أبداً. و الغالب أن طفولته كانت تتميز بالحرمان، و بالتنقل في العراق و الشام حيث كانت الفتن تمور.
أصل اللقب
يقال أنها حادثة شهيرة في حياة المتنبي حيث إدعى النبوة في بداية شبابه، في بادية السماوة، و لئن كان قد جوزي على ادعائه بالسجن بأمر من والي حمص، إلا أن حادثة تنبؤه تبدو حيلة سياسية ليس إلا، أو تدليساً من الحاكم ضد الثائر الشاب. و يرى أبو العلاء المعري في كتابه معجز أحمد أن المتنبي لُقب بهذا من النَبْوَة، و هي المكان المرتفع من الأرض، كناية عن رفعته في الشعر. لا عن إدعائه النُبُوَة. ==' يقال أن المتنبي سمي بهذا الإسم لأنه ادعى النبوة وكان مقتله بسبب شعره حيث كان في أحد المواجهات مع خال ضبة الذي هجاه المتنبي فقاتله خاله فأراد المتنبي الهرب فلقيه غلام فقال له أأنت القائل : الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم فرجع فقاتل فقتل
المتنبي و سيف الدولة و كان المتنبي قد عرف سيف الدولة من قبل، و سمع عن أفضاله الكثير، و كانا في سن متقاربه، فوفد عليه المتنبي، و عرض عليه أن يمدحه بشعره على ألا يقف بين يديه لينشد قصيدته كما كان يفعل الشعراء، فأجاز له سيف الدولة أن يفعل هذا. و أجازه سيف الدولة على قصائده بالجوائز الكثيرة، و قربه إليه فكان من أخلص خلصائه، و كان بينهما مودة و احترام، و تعد سيفياته أصفى شعره. غير أن المتنبي حافظ علىالحمداني
عادته في إفراد الجزء الأكبر من قصيدته لنفسه، و تقديمه إياها على ممدوحة، فكان أن حدثت بينه و بين سيف الدولة جفوة وسعها كارهوه و كانوا كثراً في بلاط سيف الدولة.
و قيل أن ابن خالويه رمى دواة الحبر على المتنبي في بلاط سيف الدولة، فلم ينتصف له سيف الدولة، و طعن في هذه الرواية كثيرون لأسباب متعددة. بعد تسع سنوات في بلاط سيف الدولة جفاه الأخير، و زادت جفوته له بفضل كارهي المتنبي، و لأسباب غير معروفة قال البعض أنها تتعلق بحب المتنبي المزعوم لخولة شقيقة سيف الدولة التي رثاها المتنبي في قصيدة ذكر فيها حسن مبسمها، و كان هذا مما لا يليق عند رثاء بنات الملوك. انكسرت العلاقة الوثيقة التي كانت تربط سيف الدولة بالمتنبي، و غادره المتنبي إلى مصر حزيناً خائباً ليواصل النظر في أطماعه السياسية بعد أن قال في حضرته قصيدته الشهيرة:
وا حر قلباه ممن قلبه شبم و من بجسمي و حالي عنده سقم
1 وَاحَــرَّ قَلبــاهُ مِمَّــن قَلْبُـهُ شَـبِمُ ____ومَــن بِجِسـمي وَحـالي عِنْـدَهُ سَـقَمُ
2 مـا لـي أُكَـتِّمُ حُبّـاً قـد بَـرَى جَسَدي ____وتَــدَّعِي حُـبَّ سَـيفِ الدَولـةِ الأُمَـمُ
3 إِنْ كــانَ يَجمَعُنــا حُــبٌّ لِغُرَّتِــهِ ____فَلَيــتَ أَنَّــا بِقَــدْرِ الحُـبِّ نَقتَسِـمُ
4 قــد زُرتُـه وسُـيُوفُ الهِنـدِ مُغمَـدةٌ ____8وقــد نَظَــرتُ إليـهِ والسُـيُوفُ دَمُ
5 وَكــانَ أَحسَــنَ خَــلقِ اللـه كُـلِّهِمِ ____وكـانَ أَحْسَـنَ مـا فـي الأَحسَنِ الشِيَمُ
6 فَــوتُ العَــدُوِّ الِّـذي يَمَّمْتَـهُ ظَفَـرٌ ____فــي طَيِّـهِ أَسَـفٌ فـي طَيِّـهِ نِعَـمُ
7 قـد نـابَ عنكَ شَدِيدُ الخَوفِ واصطَنَعَتْ ____لَــكَ المَهابــةُ مـا لا تَصْنـعُ البُهَـمُ
8 أَلــزَمْتَ نَفْسَــكَ شَـيْئاً لَيسَ يَلْزَمُهـا ____ أَنْ لا يُـــوارِيَهُم أرضٌ ولا عَلَـــمُ
9 أَكلمــا رُمـتَ جَيشـاً فـانثَنَى هَرَبـاً ____ تَصَــرَّفَتْ بِــكَ فـي آثـارِهِ الهِمَـمُ
10 علَيــكَ هَــزمُهُمُ فـي كُـلِّ مُعْـتَرَكٍ ____ ومــا عَلَيـكَ بِهِـمْ عـارٌ إِذا انهَزَمـوا
11 أَمـا تَـرَى ظَفَـراً حُـلواً سِـوَى ظَفَرٍ ____ تَصـافَحَت ْفيـهِ بيـضُ الهِنْـدِ والِلمَـمُ
12 يــا أَعـدَلَ النـاسِ إِلاَّ فـي مُعـامَلَتي ____ فيـكَ الخِصـامُ وأَنـتَ الخَـصْمُ والحَكَمُ
13 أُعِيذُهــا نَظَــراتٍ مِنْــكَ صادِقَـةً ____ أَنْ تَحْسَـبَ الشَـحمَ فيمَـن شَـحْمُهُ وَرَمُ
14 ومــا انتِفـاعُ أَخـي الدُنيـا بِنـاظرِهِ ____ إِذا اســتَوَتْ عِنـدَهُ الأَنـوارُ والظُلَـمُ
15 سَــيَعْلَمُ الجَـمْعُ مِمَّـن ضَـمَّ مَجْلِسُـنا ____ بِــأنَّني خَـيْرُ مَـن تَسْـعَى بِـهِ قـدَمُ
16 أَنـا الَّـذي نَظَـرَ الأَعمَـى إلـى أَدَبي ____ وأَســمَعَتْ كَلِمـاتي مَـن بِـهِ صَمَـمُ
17 أَنـامُ مِـلءَ جُـفُوفي عـن شَـوارِدِها ____ ويَسْــهَرُ الخَــلْقُ جَرَّاهـا ويَخـتَصِمُ
18 وَجَــاهِلٍ مَـدَّهُ فـي جَهلِـهِ ضَحِـكِي ____ حَــتَّى أَتَتْــهُ يَــدٌ فَرَّاســةٌ وفَـمُ
19 إِذا رَأيــتَ نُيُــوبَ اللّيــثِ بـارِزَةً ____ فَــلا تَظُنَّــنَ أَنَّ اللَيــثَ يَبْتَسِــمُ
20 ومُهجـةٍ مُهجـتي مِـن هَـمِّ صاحِبِهـا ____ أَدرَكْتُهــا بِجَــوادٍ ظَهْــرُهُ حَــرَمُ
21 رِجـلاهُ فـي الـرَكضِ رِجْلٌ واليَدانِ يَدٌ ____ وفِعْلُــهُ مــا تُريــدُ الكَـفُّ والقَـدَمُ
22 ومُـرهَفٍ سِـرتُ بَيـنَ الجَحْـفَلَينِ بِـهِ ____ حـتَّى ضَـرَبْتُ ومَـوجُ المَـوتِ يَلْتَطِمُ
23 الخَــيْلُ واللّيــلُ والبَيـداءُ تَعـرِفُني ____ والسَـيفُ والـرُمْحُ والقِرطـاسُ والقَلَـمُ
24 صَحِـبتُ فـي الفَلَـواتِ الوَحشَ مُنْفَرِدا____ حــتَّى تَعَجَّـبَ منَّـي القُـورُ والأَكَـمُ
25 يــا مَــن يَعِـزُّ عَلَينـا أن نُفـارِقَهم ____ وَجداننــا كُـلَّ شَـيءٍ بَعـدَكُمْ عَـدَمُ
26 مــا كــانَ أَخلَقَنــا مِنكُـم بِتَكرِمـة ____ لَــو أَن أَمــرَكُمُ مِــن أَمرِنـا أَمَـمُ
27 إِن كــانَ سَــرَّكُمُ مـا قـالَ حاسِـدُنا____ فَمــا لِجُــرْحٍ إِذا أَرضــاكُمُ أَلَــمُ
28 وبَينَنــا لَــو رَعَيْتُــمْ ذاكَ مَعرِفـةٌ____ إِنَّ المَعـارِفَ فـي أَهـلِ النُهَـى ذِمَـمُ
29 كَــم تَطلُبُــونَ لَنـا عَيبـاً فيُعجِـزُكم ____ ويَكــرَهُ اللــه مـا تـأْتُونَ والكَـرَمُ
30 مـا أَبعَـدَ العَيْـبَ والنُقصانَ من شَرَفي ____ أَنــا الثُرَيَّــا وَذانِ الشَـيبُ والهَـرَمُ
31 لَيـتَ الغَمـامَ الـذي عِنـدِي صَواعِقُـهُ____ يُــزِيلُهُنَّ إلــى مَــن عِنـدَه الـدِيَمُ
32 أَرَى النَــوَى يَقْتَضِينـي كُـلَّ مَرْحَلـةٍ ____ لا تَســتَقِلُّ بِهــا الوَخَّــادةُ الرُسُـمُ
33 لَئِــن تَـرَكْنَ ضُمَـيراً عـن مَيامِنِنـا ____ لَيَحْـــدُثَنَّ لِمَــنْ ودَّعْتُهُــمْ نَــدَمُ
34 إذا تَرَحَّــلْتَ عـن قَـومٍ وقـد قَـدَروا ____أَن لا تُفـــارِقَهم فــالراحِلُونَ هُــمُ
35 شَــرُّ البِـلادِ مَكـانٌ لا صَـديقَ بـهِ ____وشَـرُّ مـا يَكْسِـبُ الإِنسـانُ مـا يَصِمُ
36 وشَــرُّ مـا قَنَصَتْـهُ راحَـتي قَنَـصٌ ____شُــهْبُ الـبُزاةِ سَـواءٌ فيـهِ والرَخَـم
37 بــأَيَّ لَفْــظٍ تَقُـولُ الشِـعْرَ زِعْنِفـةٌ____تجُــوزْ عِنـدَكَ لا عُـرْبٌ وِلا عَجَـمُ
38 هـــذا عِتـــابكَ إِلاَّ أَنَّــهُ مِقَــةٌ ____قــد ضُمِّــنَ الــدُرَّ إِلاَّ أَنَّـهُ كَـلِمُ
التي مدح فيها نفسه و سيف الدولة، و اعتذر إليه، و عاتبه قبل أن يغادره إلى مصر.
المتنبي و كافور الإخشيدي
الشخص الذي تلا سيف الدولة الحمداني أهمية في سيرة المتنبي هو كافور الإخشيدي، و كان مبعث ذهاب المتنبي إليه على كرهه له لأنه عبد طمعه في ولاية يوليها إياه. و لم يكن مديح المتنبي لكافور صافياً، بل بطنه بالهجاء و الحنين إلى سيف الدولة الحمداني، فكان مطلع أول قصيدته مدح بها كافور:
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً و حسب المنايا أن يكن أمانيا
و كان كافور حذراً، داهية، فلم ينل المتنبي منه مطلبه، بل إن وشاة المتنبي كثروا عنده، فهجاهم المتنبي، و هجا كافور و مصر هجاء مرا ومما نسب إلى المتنبي في هجاء كافور: لا تأخذ العبد إلا والعصاة معه إن العبيد لأنجاس مناكيد و استقر في عزم المتنبي أن يغادر مصر بعد أن لم ينل مطلبه، فغادرها في يوم عيد، و قال يومها قصيدته الشهيرة التي ضمنها ما بنفسه من مرارة على كافور و حاشيته، و التي كان مطلعها:
عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد
مقتله
كان المتنبي قد هجا ضبة بن يزيد الأسدي العيني بقصيدة شديدة، مطلعها:
ما أَنصفَ القومُ ضبّه وأمّــــــــه الطُــرطُــبَّـــه
فلما كان المتنبي عائدًا يريد الكوفة، وكان في جماعة منهم ابنه محشد وغلامه مفلح، لقيه فاتك بن أبي جهل الأسدي، وهو خال ضبّة، وكان في جماعة أيضًا. فاقتتل الفريقان وقُتل المتنبي وابنه محشد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول غربيّ بغداد. فكان بحق رحمه الله: مالء الدنيا وشاغل الناس.
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:26 pm من طرف لطفي الياسيني
» دموع
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:25 pm من طرف لطفي الياسيني
» سمراء
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:24 pm من طرف لطفي الياسيني
» انا الملوم انا الجاني على وطني / د. لطفي الياسيني
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:20 pm من طرف لطفي الياسيني
» مات الضمير وشيعوا جثمانه / د. لطفي الياسيني
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:17 pm من طرف لطفي الياسيني
» قصيدة في وصف فـلـسـطـيـن قبل النكبة / الحاج لطفي الياسيني
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:15 pm من طرف لطفي الياسيني
» الرحلة
السبت مايو 03, 2014 9:43 am من طرف تيسير نصرالدين
» حول الوضع الثقافي الراهن
الثلاثاء أكتوبر 29, 2013 6:07 pm من طرف mriame
» صباح ..................مساء الخير من الجنينة
السبت يناير 19, 2013 10:47 pm من طرف سوسن سين
» كبة البطاطا بالبرغل
السبت يناير 19, 2013 10:39 pm من طرف سوسن سين
» عثمنة الخطاب السني الرسمي
الأربعاء ديسمبر 26, 2012 11:30 am من طرف تيسير نصرالدين
» الصفقة الصفيقة
الخميس نوفمبر 22, 2012 6:07 pm من طرف تيسير نصرالدين
» الإعلام
الثلاثاء أكتوبر 16, 2012 5:16 pm من طرف تيسير نصرالدين
» مجموعة جديدة
الأحد سبتمبر 23, 2012 10:24 am من طرف تيسير نصرالدين
» ثورة الحرابيق
الأحد سبتمبر 23, 2012 10:09 am من طرف تيسير نصرالدين