تعلمت من لا شيء، لا ربما من كل شيء،تابعت دراستي ليس لأن هناك من كان يشجعني أو يعلمني حرفاً غير المدرسة.كانت أوقات الدراسة بالنسبة لي حصراً في أوقات الراحة حين كنا ننتهي من العمل بالأرض ( الحصيدة) وغيرها. أبي وأمي كانا يتنظران مني النجاح بمدرستي و يتمنيان هذا و يرغبان به بشدة ولكن كل هذا لم يكن مبرراُ لإعفائي من العمل.
حياة الجامعة بدت مختلفة قليلا أدرك أبي أني بحاجة لوقت أكبر للدراسة فأصدر مرسوماً أسرياً بإعفائي من العمل أثناء فترة الدراسة. وبالمقابل تحمّل هو شخصياً حصتي في العمل. كنت أعود من العاصمة لأحصل على مصروفي الذي كان يؤلمني جداً جداً ،لأني كنت أشاهد كيف كان أبي يدخر بعض النقود و بكل تأكيد يحرم نفسه من الكثير بغية توفير مصروفي. تخرجت من الجامعة وأهديت نجاحي لأسرتي ،لأنها انتظرت نجاحي أكثر مني.
كانت فترة ما بعد التخرج أشد حرجاً لي لأني أصبحت عالة على أبي المسكين. ولمحاسن الصدف توظفت و قبلت بوظيفة لا تلائم طبيعتي لكي أرفع عن أبي بعض المسؤولية المادية.
ثلاثة أشهر مرت علي في الوظيفة وأنا أعمل بلا راتب -لأن لم يكن قد وصل اعتمادي المالي من قبل الوزارة و كأنهم حين قبلوا بتوظيفي ربما كانوا يعتقدون أني سأعمل مجاناً – وفي هذه الفترة كان على أبي توفير مصروفي بشكل اضطراري لأني كنت أحتاج ملابس جديدة وأجرة المواصلات وووو .... لم يتأفف أبدا كالعادة وبقي يعاملني كما حين كنت تلميذ مدرسة ينتظر في كل صباح مصروفه.
جاء الفرج و قررت الوزارة منحي راتب بعد أن تيقنت أني محتاج فعلاً.ناداني المحاسب متبسماً " مبروك وصل راتبك " ذلك الراتب الذي وزعتة قبل استلامه سأشتري كذا وسأفعل كذا ووعدت أصدقائي بعشاء بروتيني دسم. ولكني وفي لحظة طيش وقفت أمام المحاسب الذي عدّ لي راتب ثلاثة شهور دفعة واحدة وكان بالتحديد 11243 ليرة سورية ، طلبت من المحاسب أن يضع المبلغ كاملاً في ظرف قبل أن ألمسه ودون أن يسألني فعل الرجل. لم أنظر أبدا إلى لمبلغ الذي طال جداً انتظاري له، لن تستطيعوا أن تتصورا كم كانت فرحتي كبيرة بالملبغ الضخم هذا. وصلت البيت مسرعاً وإذ بذلك الرجل العظيم يجلس كالعادة في مضافته و بقربه أحد أصدقائه وقفت ولم أعلم كيف سأقدم له الأمر وأخبره بأني أخيراً استملت راتبي.
تقدمت منه وهو جالسٌ جثيت على ركبتي، قبّلت يده وقد أدهش تصرفي هذا أبي أكثر من صديقه وبادرني بالسؤال" شو بااك يا قباري؟ " قبلت يده مرة أخرى باكياً و قلت له : أبي هذا أول راتب أستلمه في حياتي وهو لك بالكامل أرجوك يا أبي اقبله مني. لم يجب بكلمة لأن دموعه كانت أبلغ من أي جواب بكى أبي ودفع لي لي بالظرف متلعثماً قائلاً " وحياتك يا بيي معي .." تركت له الظرف وغادرت أداري دموعي.
في اليوم التالي وجدت الظرف بكامل المبلغ فوق رأسي وقد كُتب عليه " ولدي الحبيب أنت كنزي الحقيقي"
براتب أو بلا – عظيم أنت يا أبي.
حياة الجامعة بدت مختلفة قليلا أدرك أبي أني بحاجة لوقت أكبر للدراسة فأصدر مرسوماً أسرياً بإعفائي من العمل أثناء فترة الدراسة. وبالمقابل تحمّل هو شخصياً حصتي في العمل. كنت أعود من العاصمة لأحصل على مصروفي الذي كان يؤلمني جداً جداً ،لأني كنت أشاهد كيف كان أبي يدخر بعض النقود و بكل تأكيد يحرم نفسه من الكثير بغية توفير مصروفي. تخرجت من الجامعة وأهديت نجاحي لأسرتي ،لأنها انتظرت نجاحي أكثر مني.
كانت فترة ما بعد التخرج أشد حرجاً لي لأني أصبحت عالة على أبي المسكين. ولمحاسن الصدف توظفت و قبلت بوظيفة لا تلائم طبيعتي لكي أرفع عن أبي بعض المسؤولية المادية.
ثلاثة أشهر مرت علي في الوظيفة وأنا أعمل بلا راتب -لأن لم يكن قد وصل اعتمادي المالي من قبل الوزارة و كأنهم حين قبلوا بتوظيفي ربما كانوا يعتقدون أني سأعمل مجاناً – وفي هذه الفترة كان على أبي توفير مصروفي بشكل اضطراري لأني كنت أحتاج ملابس جديدة وأجرة المواصلات وووو .... لم يتأفف أبدا كالعادة وبقي يعاملني كما حين كنت تلميذ مدرسة ينتظر في كل صباح مصروفه.
جاء الفرج و قررت الوزارة منحي راتب بعد أن تيقنت أني محتاج فعلاً.ناداني المحاسب متبسماً " مبروك وصل راتبك " ذلك الراتب الذي وزعتة قبل استلامه سأشتري كذا وسأفعل كذا ووعدت أصدقائي بعشاء بروتيني دسم. ولكني وفي لحظة طيش وقفت أمام المحاسب الذي عدّ لي راتب ثلاثة شهور دفعة واحدة وكان بالتحديد 11243 ليرة سورية ، طلبت من المحاسب أن يضع المبلغ كاملاً في ظرف قبل أن ألمسه ودون أن يسألني فعل الرجل. لم أنظر أبدا إلى لمبلغ الذي طال جداً انتظاري له، لن تستطيعوا أن تتصورا كم كانت فرحتي كبيرة بالملبغ الضخم هذا. وصلت البيت مسرعاً وإذ بذلك الرجل العظيم يجلس كالعادة في مضافته و بقربه أحد أصدقائه وقفت ولم أعلم كيف سأقدم له الأمر وأخبره بأني أخيراً استملت راتبي.
تقدمت منه وهو جالسٌ جثيت على ركبتي، قبّلت يده وقد أدهش تصرفي هذا أبي أكثر من صديقه وبادرني بالسؤال" شو بااك يا قباري؟ " قبلت يده مرة أخرى باكياً و قلت له : أبي هذا أول راتب أستلمه في حياتي وهو لك بالكامل أرجوك يا أبي اقبله مني. لم يجب بكلمة لأن دموعه كانت أبلغ من أي جواب بكى أبي ودفع لي لي بالظرف متلعثماً قائلاً " وحياتك يا بيي معي .." تركت له الظرف وغادرت أداري دموعي.
في اليوم التالي وجدت الظرف بكامل المبلغ فوق رأسي وقد كُتب عليه " ولدي الحبيب أنت كنزي الحقيقي"
براتب أو بلا – عظيم أنت يا أبي.
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:26 pm من طرف لطفي الياسيني
» دموع
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:25 pm من طرف لطفي الياسيني
» سمراء
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:24 pm من طرف لطفي الياسيني
» انا الملوم انا الجاني على وطني / د. لطفي الياسيني
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:20 pm من طرف لطفي الياسيني
» مات الضمير وشيعوا جثمانه / د. لطفي الياسيني
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:17 pm من طرف لطفي الياسيني
» قصيدة في وصف فـلـسـطـيـن قبل النكبة / الحاج لطفي الياسيني
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:15 pm من طرف لطفي الياسيني
» الرحلة
السبت مايو 03, 2014 9:43 am من طرف تيسير نصرالدين
» حول الوضع الثقافي الراهن
الثلاثاء أكتوبر 29, 2013 6:07 pm من طرف mriame
» صباح ..................مساء الخير من الجنينة
السبت يناير 19, 2013 10:47 pm من طرف سوسن سين
» كبة البطاطا بالبرغل
السبت يناير 19, 2013 10:39 pm من طرف سوسن سين
» عثمنة الخطاب السني الرسمي
الأربعاء ديسمبر 26, 2012 11:30 am من طرف تيسير نصرالدين
» الصفقة الصفيقة
الخميس نوفمبر 22, 2012 6:07 pm من طرف تيسير نصرالدين
» الإعلام
الثلاثاء أكتوبر 16, 2012 5:16 pm من طرف تيسير نصرالدين
» مجموعة جديدة
الأحد سبتمبر 23, 2012 10:24 am من طرف تيسير نصرالدين
» ثورة الحرابيق
الأحد سبتمبر 23, 2012 10:09 am من طرف تيسير نصرالدين