الرئيسية
قد يراه البعض انه مجرد ذكر دجاج ,كان ذلك التفكير محصورا بأبناء المدينة قبل ان ينظم اليهم ابناء القرى والأرياف بعد أن أقلعوا عن ممارسة الحياة الريفية متمثلة بطرق الإنتاج المتاحة وفقا للبيئة والمناخ وتوفيرا لمادة اصبحت تعاني من سلامة المنشأ وغلاء الأسعار وتردي النوعية .
لكن الديك بالنسة لي ولأبناء جيلي من اهل القرى و سكان الريف هو رمز من رموز الفروسية , كالحصان والسيف , وهو ينافس الخروف الذي يتربع على وجه المنسف ويأخذ مكانه في معظم الأحيان .
يرتبط الديك بالذاكرة الشعبية وحلول المواسم , يرتبط بتلك السروات الصباحية حين يتسابق الفلاح مع الفجر لكي يصل إلى حقله باكرا , أويسبق الصياد عودةالثعالب إلى اوكارها وأسراب الحجل والشنانير قبل بزوغ الشمس , حين يصحوا على صياح الديك الذي لا يفوته واجب التنبيه مع أول خيط من خيوط الفجر يتسلل من تقوب قنه ,ليتأهب ويطلق العنان لصافرته, منبها اصحاب الشأن.
يرتبط صياح الديك مع ذبول اعيننا التي يغالبها النعاس حين يوقظنا الاهل لنرافقهم سروات الحصاد بينما نتغالب مع سلطان النوم ونحن نسير مرغمين إلى المليئة بالخير آنذاك.
هذا الكائن المتربع على عرش السلطة في عالم الدجاج سدة المناسف في الولائم والمناسبات يموت شهيد الواجب حين يكون عريس الدجاجات ويداهم أصحاب البيت ضيفا عابر فيضطر أن يقدمه أهله وجبة للضيف حفظا لماء الوجه وسترا للحال , كم ام وفرت ديك بلدي لعودة ابنها الغائب أو زوجة جعلته جائزة العشرة الطيبة مع بعلها فقدمته وجبة دسمة .
إذا يحق لهذا الطائر الوقور ان يمشي الخيلاء وان يقف في مكان مرتفع مطلقا صيحته الصاخبة .
لقد افتقدنا إلى حضور الديك البلدي ولحمه اللذيذ منذ زمن بيعيد إلى ان أيقظ هذا الشعور عندي بل وايقظ شهيتي صديق بعد أن دعاني إلى وجبة العشاء حيث نقضي الأجازة الصيفية في الجنوب الايطالي بين مجموعة من الناس في منتهى الطيبة والحفاوة والأصالة تذكرني بأهلنا ذات زمان غابر .
قال لي بالحرف الواحد لدي في المزرعة بعض الطيور ولدي ديك بلدي احتفظ به لمناسبة خاصة وليس هناك من يستحق اكثر منك ان نذبح له الديك , في هذه الجملة ايقظ في داخلي قطعان من الصور والذكريات وقرب لي وجوها غالية لكم سمعتها تقول هذا الكلام لصديق او غالي .
لم يكن الديك بمفرده بل كانت برفقته فرخة بلدية ايضا , كان عشاء فاخر مترافق بمشاعر عارمة ورحابة يجود بها أهلها لتعزز عندي قناعة, أن من يجد صديقا بمعنى الكلمة قد وجد كنزا .
في هذا المكان الجميل لدي كل يوم حكاية
الف الف صحة وعافية على قلبك وقلب غواليك انشالله ترجعولنا سالمين وغانمين 
» دموع
» سمراء
» انا الملوم انا الجاني على وطني / د. لطفي الياسيني
» مات الضمير وشيعوا جثمانه / د. لطفي الياسيني
» قصيدة في وصف فـلـسـطـيـن قبل النكبة / الحاج لطفي الياسيني
» الرحلة
» حول الوضع الثقافي الراهن
» صباح ..................مساء الخير من الجنينة
» كبة البطاطا بالبرغل
» عثمنة الخطاب السني الرسمي
» الصفقة الصفيقة
» الإعلام
» مجموعة جديدة
» ثورة الحرابيق