جلسنا نتحاور ، بدأ أنينه ، وعنينه ، وانتشاره المطبق على أدق الزوايا .
علا عويله ، غثيان ، غثيان ، تشنّج ، دوّار بالرأس ، ثم ، تقيأ ، وخرج من فمه كمية كبيرة من حروف الجر ، و400 حرف جزم ونصب و1000 فتحة وضمة .
قد ابتلع أطنان منها بالليالي ، ولم يتدثّر بنومه ، فأخذ برد واضطرب جهازه الهضمي .
قلت له : ما بك ، شغلت بالي ، لعنة الله على أبو هالحالة .
انتفض بوجهي وقال : بل ، لعنة الله على أبي هذه الحالة ، لأن ( أب ) أتت مجرورة هنا بعد ( على ) .
قلت : اللعن هو المضمون يا سيدي ، يلعن أبوها أو أباها ، أو أبيها ، أو بيّها ، المهم هو اللعن .
حروف الجر هي كقطع من الخشب على وجه سيل جارف ، علينا أن نجتاز عبرها إلى الضفة الأخرى ، بخفة ورشاقة . لأنها بحد ذاتها هي حروف حركيّة ، يجب مناورتها وعدم الإدمان عليها .
حذار ، حذار الوقوع بشراكها ، لأنها ستجرجر رأسنا .
حروف الجر كالسلاح الكيميائي ، إن لم تتقن استخدامه ، قتلك ، فتك بك .
حقاً ، إنها تفعل بالرأس فعل ( قطّاش الجاج ) حين تلتهمه الدجاجة البياضة .
تعامل معها مثل منقوع أوراق الكينا حين نغليها بالماء ، نتبخر بها ، ولا نأخذها عن طريق الفم أو الحقن أو التحميلة ، فقط تبخّر بها .
الفكرة ، كلما أشبعتها ورتبت أبجديتها لتصل إلى يائها ، فهذا عمل رائع وجهد مشكور مأجور . لكن ، علينا أن نميز بين ياء الفكرة ، وياء الرؤية .
إن تساوت في اعتقاد أحدنا ، ضفاف الفكرة مع ضفاف رؤيته ، يكون الاعتقاد هنا قد تحول إلى دهون مشبعة ، متكدس بشرايينه ، يفرّخ حروف الجزم والنصب ويزرعها بالرأس كإشارات المرور القبيحة على الطريق ، هي إشارات الوقوف و العودة التي تحرفنا عن منابر الخطوات للأمام . ( أكل مقلب بحاله ) . وتصبح الفكرة مثل كيس الخردوات على الأكتاف .
إن تبنّى ذلك الاعتقاد الرأس ، يكون قد أمسك ناصية الرؤى ، وحاصر قدرة العقل وإحساسات القلب بدراما المكان وسيرورة الزمان . لأنه بهكذا حالة هو كعباءة يرتديها المرء من رأسه حتى قدميه ، مثل الخمار الحاجب للهواء والضوء ، مع أنه أصول ارتداءها هو من الأكتاف إلى الأسفل ، ويبقى الرأس حراً منها فوق ، ومفتوحة من الأمام .
الفكرة جميلة بحريتها ، تجعلنا أكثر جمالاً بصحبتها .
لا تجعلها حشوة بارود في الرصاصة ، كي لا يصبح الرأس مقذوف تلك الرصاصة .
الماء إن لم يتحرك يصبح آسن . وعليه نقول :
العقل الذي يمتلك اللياقة والرشاقة ، لا يصاب بالجلطة أو الفالج ، ولا يصدأ.
بالحوار ما هو حاله ؟؟
الكلام ليس تنفس ، بل ليس فرصة تنفس لغريق في ماء آسن .
إن أصبح الكلام فرصة تنفس ، فقد أصبح اللسان رئة المتكلم ( .... ) . وهذا هو الأخطر ، أن يتحول اللسان إلى رئة . على هذا ، فإن أصبحت الأذن هي الرئة ، فهي أكثر جدوى وفائدة من اللسان .
وللتدليل على هذا ، فنحن نرى هكذا محاوِر دائماً عنده أرق ومرهق نفسياً حين يصغي ، لأن حروف الجر خربت ترتيبه الداخلي ومضامين أعماقه . لا يحب السكوت ، بل يكرهه جداً ، متشنج إذا أصغى ، وبالتشنج لا يدخل شيء بسهولة ، حتى الحقنة تؤلم إن تشنجنا حين غرزها بالعضل ، لا شيء يدخل بسهولة إلا بالاسترخاء . حتى الغريق ، إن تشنج يغرق ويُغرق منقذه معه .
هذا النوع من المحاورين لا يكتب ما عنده ولا يشارك في المواقع والمدونات ، لأن أداء فكرته متعلق بحضوره . وبتعبير أدق ( هو ، يؤدي حضوره وليس فكرته ، لأن الفكرة تحترفه ، أو تحترف رأسه وليس العكس ) .
حتى بحواره مع نفسه يسلك طريقاً خاطئة ، فهو يجبر ويبني الظروف كبيوت بلاستيكية لتبقى أرض خصبة لما برأسه ، ويغصب رؤيته لتحقيق فكرته حتى ولو كيميائياً ، بالإضافة لشعوره بضياع الجهات عنه . ويشعر دائما بأن هناك أحد يريد اقتلاعه عن دائرة الضوء أو أحد يسد أنفه .
هكذا محاوِر ، يحوّل الاعتقاد في رأسه إلى سمّ حيّة تحت لهيب شمس آب اللهّاب ، يتمدد لأكبر من حجم الرأس ، ويتميّه فيضايقها بكل حركة ، فتتهافت لاقتناص أول فرصة كي تتخلص من سمها بأقرب فريسة .
العقل الرشيق الحر ، يلعب مثل منتخب البرازيل لكرة القدم ( خذ ما عندي وهات ما عندك بمقايضة عادلة شجاعة وبانفتاح ... قمة الذوق باللعب ) . أما العكس فهو يلعب ( رجل لرجل ) وينشر شبكة حباله في الملعب ويقيّد الشوط . وحين يخسر أي فريق مع فريق البرازيل ، يخسر وهو مقتنع وراضٍ بالنتيجة .
الخير في الحوار هو في البحث دائماً عن باب الضعف فيما توصّل إليه عقلك ، علّ ذاك الباب هو باب النجاة . اطرحه بالحوار ، قف عنده ومد يدك ، ولا تطرحه كالجدران الإسمنتية وتتمترس خلف فتحات به تمد منها فوهة بارودتك ، توجهها حيثما رأيت حركة ، وكأن الأمر مناورة ( صراع وكش ملك ) وليس محاورة ( خذ وهات ) .
فنحن نحاور فكرتك بلساننا، ولا نهجم على رأسك بفأس .
كما يقال : الجار قبل الدار ، حسن الجوار من الإيمان .
يجب أن يقال : المحاور أهم من الموضوع أحياناً ، حسن الحوار قمة الذوق .
الحوار رياضة ، تمارين ، تخلصنا من الدهون المشبعة المتكدسة على جدران الشرايين .
الحوار فن توصيل ما لدينا أو مزجه بما عند محاورنا .
الفكرة المتبرجة ، والفكرة البسيطة :
العقل الرشيق والحر ، يعرف كيف ينظر في رسم بسيط لعين بها إيحاء وحياة تكاد أن تتكلم ، لا يزيد عليها شيء ، ويُعجَب ويقرُّ لها ويشعر بها أكثر من إعجابه وإقراره وشعوره برسم قصر كله فسيفساء وأرابيسك وجواري ووصيفات ، لكنه مهجور أو به ديكتاتور ممقت .
وأيضاً ، لا يجور على المعنى ، ولا يطرحه بشكل متخم باللغة المتبرّجة بالبراعة والمرافعة والإنشاء .
لذا ، يقال ، كل من يكتب بخط جميل ، يكون توالده الذهني ليس على ما يرام ، لأن سرعة تفكيره لا تزيد عن سرعة يده بالكتابة . وهو قادر فقط على العرض الشكلي لما بذهنه ضمن ديكور رائع .
هل نحن نؤلف فكرة أم نحن نمشي على فكرة ؟؟
الفكرة حرّة ، ويجب أن تبقى حرّة
وكل من لديه قدرة كبيرة على التكلم والإفتاء والتعليق والمبارزة في كل ساحة وأي فكرة وأي حدث وأي طرح ، فهو العاجز تماماً عن صناعة أو خلق أي فكرة أو حدث ما ، حاله كحالة العربان ، من مثقفين أو أدنى .
علا عويله ، غثيان ، غثيان ، تشنّج ، دوّار بالرأس ، ثم ، تقيأ ، وخرج من فمه كمية كبيرة من حروف الجر ، و400 حرف جزم ونصب و1000 فتحة وضمة .
قد ابتلع أطنان منها بالليالي ، ولم يتدثّر بنومه ، فأخذ برد واضطرب جهازه الهضمي .
قلت له : ما بك ، شغلت بالي ، لعنة الله على أبو هالحالة .
انتفض بوجهي وقال : بل ، لعنة الله على أبي هذه الحالة ، لأن ( أب ) أتت مجرورة هنا بعد ( على ) .
قلت : اللعن هو المضمون يا سيدي ، يلعن أبوها أو أباها ، أو أبيها ، أو بيّها ، المهم هو اللعن .
حروف الجر هي كقطع من الخشب على وجه سيل جارف ، علينا أن نجتاز عبرها إلى الضفة الأخرى ، بخفة ورشاقة . لأنها بحد ذاتها هي حروف حركيّة ، يجب مناورتها وعدم الإدمان عليها .
حذار ، حذار الوقوع بشراكها ، لأنها ستجرجر رأسنا .
حروف الجر كالسلاح الكيميائي ، إن لم تتقن استخدامه ، قتلك ، فتك بك .
حقاً ، إنها تفعل بالرأس فعل ( قطّاش الجاج ) حين تلتهمه الدجاجة البياضة .
تعامل معها مثل منقوع أوراق الكينا حين نغليها بالماء ، نتبخر بها ، ولا نأخذها عن طريق الفم أو الحقن أو التحميلة ، فقط تبخّر بها .
الفكرة ، كلما أشبعتها ورتبت أبجديتها لتصل إلى يائها ، فهذا عمل رائع وجهد مشكور مأجور . لكن ، علينا أن نميز بين ياء الفكرة ، وياء الرؤية .
إن تساوت في اعتقاد أحدنا ، ضفاف الفكرة مع ضفاف رؤيته ، يكون الاعتقاد هنا قد تحول إلى دهون مشبعة ، متكدس بشرايينه ، يفرّخ حروف الجزم والنصب ويزرعها بالرأس كإشارات المرور القبيحة على الطريق ، هي إشارات الوقوف و العودة التي تحرفنا عن منابر الخطوات للأمام . ( أكل مقلب بحاله ) . وتصبح الفكرة مثل كيس الخردوات على الأكتاف .
إن تبنّى ذلك الاعتقاد الرأس ، يكون قد أمسك ناصية الرؤى ، وحاصر قدرة العقل وإحساسات القلب بدراما المكان وسيرورة الزمان . لأنه بهكذا حالة هو كعباءة يرتديها المرء من رأسه حتى قدميه ، مثل الخمار الحاجب للهواء والضوء ، مع أنه أصول ارتداءها هو من الأكتاف إلى الأسفل ، ويبقى الرأس حراً منها فوق ، ومفتوحة من الأمام .
الفكرة جميلة بحريتها ، تجعلنا أكثر جمالاً بصحبتها .
لا تجعلها حشوة بارود في الرصاصة ، كي لا يصبح الرأس مقذوف تلك الرصاصة .
الماء إن لم يتحرك يصبح آسن . وعليه نقول :
العقل الذي يمتلك اللياقة والرشاقة ، لا يصاب بالجلطة أو الفالج ، ولا يصدأ.
بالحوار ما هو حاله ؟؟
الكلام ليس تنفس ، بل ليس فرصة تنفس لغريق في ماء آسن .
إن أصبح الكلام فرصة تنفس ، فقد أصبح اللسان رئة المتكلم ( .... ) . وهذا هو الأخطر ، أن يتحول اللسان إلى رئة . على هذا ، فإن أصبحت الأذن هي الرئة ، فهي أكثر جدوى وفائدة من اللسان .
وللتدليل على هذا ، فنحن نرى هكذا محاوِر دائماً عنده أرق ومرهق نفسياً حين يصغي ، لأن حروف الجر خربت ترتيبه الداخلي ومضامين أعماقه . لا يحب السكوت ، بل يكرهه جداً ، متشنج إذا أصغى ، وبالتشنج لا يدخل شيء بسهولة ، حتى الحقنة تؤلم إن تشنجنا حين غرزها بالعضل ، لا شيء يدخل بسهولة إلا بالاسترخاء . حتى الغريق ، إن تشنج يغرق ويُغرق منقذه معه .
هذا النوع من المحاورين لا يكتب ما عنده ولا يشارك في المواقع والمدونات ، لأن أداء فكرته متعلق بحضوره . وبتعبير أدق ( هو ، يؤدي حضوره وليس فكرته ، لأن الفكرة تحترفه ، أو تحترف رأسه وليس العكس ) .
حتى بحواره مع نفسه يسلك طريقاً خاطئة ، فهو يجبر ويبني الظروف كبيوت بلاستيكية لتبقى أرض خصبة لما برأسه ، ويغصب رؤيته لتحقيق فكرته حتى ولو كيميائياً ، بالإضافة لشعوره بضياع الجهات عنه . ويشعر دائما بأن هناك أحد يريد اقتلاعه عن دائرة الضوء أو أحد يسد أنفه .
هكذا محاوِر ، يحوّل الاعتقاد في رأسه إلى سمّ حيّة تحت لهيب شمس آب اللهّاب ، يتمدد لأكبر من حجم الرأس ، ويتميّه فيضايقها بكل حركة ، فتتهافت لاقتناص أول فرصة كي تتخلص من سمها بأقرب فريسة .
العقل الرشيق الحر ، يلعب مثل منتخب البرازيل لكرة القدم ( خذ ما عندي وهات ما عندك بمقايضة عادلة شجاعة وبانفتاح ... قمة الذوق باللعب ) . أما العكس فهو يلعب ( رجل لرجل ) وينشر شبكة حباله في الملعب ويقيّد الشوط . وحين يخسر أي فريق مع فريق البرازيل ، يخسر وهو مقتنع وراضٍ بالنتيجة .
الخير في الحوار هو في البحث دائماً عن باب الضعف فيما توصّل إليه عقلك ، علّ ذاك الباب هو باب النجاة . اطرحه بالحوار ، قف عنده ومد يدك ، ولا تطرحه كالجدران الإسمنتية وتتمترس خلف فتحات به تمد منها فوهة بارودتك ، توجهها حيثما رأيت حركة ، وكأن الأمر مناورة ( صراع وكش ملك ) وليس محاورة ( خذ وهات ) .
فنحن نحاور فكرتك بلساننا، ولا نهجم على رأسك بفأس .
كما يقال : الجار قبل الدار ، حسن الجوار من الإيمان .
يجب أن يقال : المحاور أهم من الموضوع أحياناً ، حسن الحوار قمة الذوق .
الحوار رياضة ، تمارين ، تخلصنا من الدهون المشبعة المتكدسة على جدران الشرايين .
الحوار فن توصيل ما لدينا أو مزجه بما عند محاورنا .
الفكرة المتبرجة ، والفكرة البسيطة :
العقل الرشيق والحر ، يعرف كيف ينظر في رسم بسيط لعين بها إيحاء وحياة تكاد أن تتكلم ، لا يزيد عليها شيء ، ويُعجَب ويقرُّ لها ويشعر بها أكثر من إعجابه وإقراره وشعوره برسم قصر كله فسيفساء وأرابيسك وجواري ووصيفات ، لكنه مهجور أو به ديكتاتور ممقت .
وأيضاً ، لا يجور على المعنى ، ولا يطرحه بشكل متخم باللغة المتبرّجة بالبراعة والمرافعة والإنشاء .
لذا ، يقال ، كل من يكتب بخط جميل ، يكون توالده الذهني ليس على ما يرام ، لأن سرعة تفكيره لا تزيد عن سرعة يده بالكتابة . وهو قادر فقط على العرض الشكلي لما بذهنه ضمن ديكور رائع .
هل نحن نؤلف فكرة أم نحن نمشي على فكرة ؟؟
الفكرة حرّة ، ويجب أن تبقى حرّة
وكل من لديه قدرة كبيرة على التكلم والإفتاء والتعليق والمبارزة في كل ساحة وأي فكرة وأي حدث وأي طرح ، فهو العاجز تماماً عن صناعة أو خلق أي فكرة أو حدث ما ، حاله كحالة العربان ، من مثقفين أو أدنى .
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:26 pm من طرف لطفي الياسيني
» دموع
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:25 pm من طرف لطفي الياسيني
» سمراء
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:24 pm من طرف لطفي الياسيني
» انا الملوم انا الجاني على وطني / د. لطفي الياسيني
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:20 pm من طرف لطفي الياسيني
» مات الضمير وشيعوا جثمانه / د. لطفي الياسيني
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:17 pm من طرف لطفي الياسيني
» قصيدة في وصف فـلـسـطـيـن قبل النكبة / الحاج لطفي الياسيني
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:15 pm من طرف لطفي الياسيني
» الرحلة
السبت مايو 03, 2014 9:43 am من طرف تيسير نصرالدين
» حول الوضع الثقافي الراهن
الثلاثاء أكتوبر 29, 2013 6:07 pm من طرف mriame
» صباح ..................مساء الخير من الجنينة
السبت يناير 19, 2013 10:47 pm من طرف سوسن سين
» كبة البطاطا بالبرغل
السبت يناير 19, 2013 10:39 pm من طرف سوسن سين
» عثمنة الخطاب السني الرسمي
الأربعاء ديسمبر 26, 2012 11:30 am من طرف تيسير نصرالدين
» الصفقة الصفيقة
الخميس نوفمبر 22, 2012 6:07 pm من طرف تيسير نصرالدين
» الإعلام
الثلاثاء أكتوبر 16, 2012 5:16 pm من طرف تيسير نصرالدين
» مجموعة جديدة
الأحد سبتمبر 23, 2012 10:24 am من طرف تيسير نصرالدين
» ثورة الحرابيق
الأحد سبتمبر 23, 2012 10:09 am من طرف تيسير نصرالدين