الربيع العربي
إذا كانت الفصول هي التي تظبط حركة المواسم وتعطي المعنى والصورة والغلال والجمال , يكون لفصل الربيع حضوره وتميزه وفورته الحياتية ويتميز بشتى انواع العطاء والوفرة المبهجة .
من لا يحب منا الوفرة والعطاء ومن لا يحب الحرية والرفاهية والكرامة وجميع هذه المعاني التي ترفع بشعارات كبيرة واصوات اعلامية ساخنة وسط حشد كبير من الفلاسفة وعلماء الإجتماع والمحليين السياسين والمفكرين العرب والأجانب ,ليطل علينا كل منهم بأرق المعاني الإنسانية ودستور الجمهورية الفاضلة التي من حق مواطنا العربي ان ينعم بفضائلها وكل من هؤلاء المحليين يستثني نفسه ويستثني دولته ومجتمعه ,يطل علينا محللا ومعلق من المملكة ويبدأ التحاضر والإنشاء عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والقيم الإنسانية المهدورة في سوريا ويتحدث عن القهر الإجتماعي والظلم في سوريا ,متجاهلا ان المرأة السورية تشارك بالسياسة والإقتصاد والصناعة وكانت وزيرة في سوريا منذ نصف قرن بينما مازالت في بلده اي في مملكته السعودية ممنوع عليها ان تقود سيارة او تسير بمفردها من غير محرم ,طبعا يطل هذا الصحفي والمعلق السياسي بوجهه الكالح وينافق ويبالغ وينظر علينا دون ان يرف له جفنوهو زبون دائم للعربية والجزيرة .
والملفت للنظر أن كل من يطل على هذه الشاشات لا يمكن له ان يكون محايدا ,يأتي محلل اقتصادي ليدخل إلى المجتمع السوري من خلال الاقتصاد ماسكا بتلابيب السياسة مفرغا شحنات الحقد على النظام في سوريا مبتعدا عن موصوعه الاساسي والمتعلق بالتحليل الإقتصادي .
طبعا من تابع ويتابع كل ماجرى ويجري في العالم العربي لا بد له ان يقف عند اشارات استفهام كثيرة من خلال المشهد العربي الكبير والذي تخلله مفاجئات كثيرة ,منها ماكان متوقعا ومنها خارج التوقع الشعبي على الأقل ,لكن بشكل عام حول الربيع العربي هذا الربيع الذي اتى بعواصف رعدية وسيول جرفت معها كافة مظاهر الربيع ليبقى اليأس والإنتظار والحلم والتـامل بماقد يأتي من خير على عباد الله .
كانتا تونس ومصر تجربتان يسيرتان في الولادة من الخاصرة لقد اعلنت الولادة السريعة دون الكشف عن مضاعفات تلك الولاد وصحة او شكل المولود وعن الجينات الوراثية لشرعيته ولا حتى عن موضع الجرح ,لتنتقل تلك الولادات والمخاضات العسيرة التي ابت الجهات المحركة لها ولادة إلا من الخاصرة ,لذلك بعد ان تكشفت اللعبة وانخرط بها بعض الجماهير العربية مصدقين تلك الرياح ومستبشرين بفصل الربيع العربي ,عم الحراك العالم العربي لتوضع كافة الأنظمة في سلة واحدة وترفع الشعارات بصيغة واحدة ,وكأن الحرية اصبحت قطعة مصاص على نكهة واحدة ,وهي تنحسر على التعبير والممارسة والشكل ولا ترتبط بالمعنى والقيمة وغابت الحرية الوطنية عن الشعارات بل رفعت شعارات ضد المقاومة بدون مبرر في بعض الدول خاصة في الاسبوع الأول في سوريا ,لتكشف خبث مايجري وما هو المطلوب من هذه الثورات ومن تخدم بالنهاية .
طبعا تحرك الجزائريون والمغاربة والاردنيون , لكن ولا ادري ما هو السبب لم يتحرك اهل السودان وهم احوج الناس إلى الربيع ,ربما مرحلة التقسيم التي تعد للسودان والتي بدأت بدولة جنوب السودان تحتاج لعض الاستقرار لإكمال التقسيم .
اما في المغرب سرعان ما هدأ الشارع بعد ان وعد الملك بجملة اصلاحات وكأن شيئا لم يكن , ليحضى المغرب بعد ذلك بدعوة للإنخراط بدول التعاول الخليجي ,هو والأردن الذي رأينا به حراك محموم وفجأة توقف كل شيء وهدأت الأمور وكأن شيئا لم يكن .طبعا في البحرين يعرف الجميع كيف تمت عملية القمع من خلال قوات سعودية وخليجية وغطاء دولي وتعتيم اعلامي ,وصولا إلى اليمن الذي تعرض رئيسه لمحاولة اغتيال بعد ان قضى نصف الشعب اليمني نصف حول في الساحات بالملايين ولتخلل ذلك صدامات دامية اودت بحيات الآلاف دون اي تذمر من المجتمع الدولي وبدون اية ادانة وبعيدا عن اية عقوبات دولية ومازالت الحوارات هي المدعومة والمدارة اميركيا .
من خلال هذا المشهد العام نصل إلى الربيع العربي الذي اجتاز سوريا بيباس وتصحر فكري وسياسي واخلاقي وتعرية كاملة لكافة القوى السياسية الهشة في سوريا بما فيهم حزب البعث , وكان انتاج هذه القوى والأحزاب مجرد تدوير للمنتج الفكري والايديولوجي القديم والذي اعاد تجربة الثمانينات بدون اي تعديل وقد شاهدنا نفس القوى التي انجرت وسارت خلف الاخوان في الثمانينات تسير خلفهم اليوم بل تسير خلف بعض العصابات المسلحة وتطلق عليهم لقب ثوار .
لذلك انا غير متفائل بكافة القوى السياسية التي على الأرض ولا ارى بالمعارضة قوة نزيهة تمارس السياسة بندية وبرنامج سياسي وطني اجتماعي اقتصادي يلامس الواقع السوري ,فهي قوى تتحرك بارتدادات اقليمية وداخلية كردة فعل مجردة من اية ارادة ذاتية .
ارجو ان يتيح قانون الاحزاب الجديد ولادة قوى حقيقية فاعلة تعبر عن ارادة الناس واحلامهم بدماء جديدة وفتية ونظيفة غير ملوثة
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:26 pm من طرف لطفي الياسيني
» دموع
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:25 pm من طرف لطفي الياسيني
» سمراء
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:24 pm من طرف لطفي الياسيني
» انا الملوم انا الجاني على وطني / د. لطفي الياسيني
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:20 pm من طرف لطفي الياسيني
» مات الضمير وشيعوا جثمانه / د. لطفي الياسيني
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:17 pm من طرف لطفي الياسيني
» قصيدة في وصف فـلـسـطـيـن قبل النكبة / الحاج لطفي الياسيني
الثلاثاء يوليو 15, 2014 12:15 pm من طرف لطفي الياسيني
» الرحلة
السبت مايو 03, 2014 9:43 am من طرف تيسير نصرالدين
» حول الوضع الثقافي الراهن
الثلاثاء أكتوبر 29, 2013 6:07 pm من طرف mriame
» صباح ..................مساء الخير من الجنينة
السبت يناير 19, 2013 10:47 pm من طرف سوسن سين
» كبة البطاطا بالبرغل
السبت يناير 19, 2013 10:39 pm من طرف سوسن سين
» عثمنة الخطاب السني الرسمي
الأربعاء ديسمبر 26, 2012 11:30 am من طرف تيسير نصرالدين
» الصفقة الصفيقة
الخميس نوفمبر 22, 2012 6:07 pm من طرف تيسير نصرالدين
» الإعلام
الثلاثاء أكتوبر 16, 2012 5:16 pm من طرف تيسير نصرالدين
» مجموعة جديدة
الأحد سبتمبر 23, 2012 10:24 am من طرف تيسير نصرالدين
» ثورة الحرابيق
الأحد سبتمبر 23, 2012 10:09 am من طرف تيسير نصرالدين